الوضع المظلم
الخميس ٢١ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • "مجزرة جنديرس".. كيف أصبحت المُعارضة المسلحة نسخة للنظام بـ"عفرين"؟

مجزرة جنديرس \ تعبيرية \ ليفانت نيوز

في الـ20 من يناير 2018 بدأ احتلال منطقة عفرين ذات الخصوصية الكردية في شمال غرب سوريا، عبر ما سمي بـ"عملية غصن الزيتون" التي شنها الجيش التركي ومليشيات "الجيش الوطني السوري" التابعة للمعارضة السورية، ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية، وقوات سوريا الديمقراطية.

وتمت العملية باستخدام القصف الجوي والمدفعي على مواقع الوحدات الكردية، وتبعتها مرحلة برية في 21 يناير 2018، استمرت حتى 18 مارس 2018، عندما أعلنت تركيا سيطرتها على مركز مدينة عفرين، والتي كانت رمزيتها تكمن في تمثال "كاوا الحداد" البطل الأسطوري لـ"عيد النوروز" القومي الكردي.

وقالت تركيا آنذاك إنها قتلت أكثر من 3000 مقاتل كُردي خلال العملية، بينما قالت الوحدات الكردية إنها قتلت أكثر من 1600 جندي تركي ومقاتل معارض، فيما أفادت مصادر مختلفة بمقتل ما بين 289 و500 مدني في عفرين، و7 إلى 9 مدنيين في تركيا، جراء العملية.

بعد احتلال عفرين.. إنكار وتهميش الكُرد

وبعد احتلال عفرين، تعرضت عفرين وريفها، لسلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها ولا تزال القوات التركية والفصائل الموالية لها في الجيش الوطني السوري، ومن بينها، عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني لآلاف المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال والمعارضين والناشطين والصحفيين والمسؤولين المحليين، والتعذيب والعنف الجنسي والإعدام الخارجي الذي يتعرضون له في مراكز الاحتجاز.

بجانب عمليات النهب والسلب والاستيلاء على الممتلكات الخاصة والعامة والمقدسة، والتدمير المتعمد للمنشآت الزراعية والتاريخية والثقافية، والابتزاز والتهديد والترهيب للسكان المحليين، والتغيير الديمغرافي عن طريق تهجير الأكراد واستبدالهم بمهجرين من مناطق أخرى.

اقرأ أيضاً: فاجعة جديدة بـ"عفرين": البراءة تُغتال في جنديرس بجريمة قتل مروعة

إضافة إلى انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية، بما في ذلك بناء أجزاء من جدار عازل حول المدينة داخل الأراضي السورية، وتحويل المنازل والمزارع إلى مقار عسكرية أو بيعها لمهجرين من محافظات أخرى، والاستيلاء على محاصيل الزيتون وزيت الزيتون، وتحصيل إتاوات وضرائب غير قانونية.

ذلك عدا عن انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع والتنظيم والمشاركة السياسية، وحرية العقيدة والممارسة الدينية، وحق الحياة الكريمة، وحق الهوية واللغة والثقافة الكردية، حيث ووفقاً لكثير من التقارير الصحفية، فإن السلطات المحلية الموالية لتركيا حاولت منع الاحتفالات القومية الكردية كعيد النوروز الذي يصادف الواحد والعشرين من كل عام، أو تقييدها أو تغييرها بحجج أمنية أو دينية أو ثقافية، وتعرض بعض الكرد الذين شاركوا في الاحتفالات للتهديد والاعتقال والتعذيب، على شاكلة ما كان يحصل إبان تواجد النظام السوري في المنطقة قبل العام 2011.

قتل عائلة بيشمرك في جنديرس

ومع ذلك، فإن الكرد في عفرين لم يستسلموا للقمع والترهيب، بل واصلوا الاحتفال بعيد النوروز بطرق مختلفة، مثل إشعال النار على أسطح المنازل وفي الجبال، لكن لم تمر الكثير منها بسلام، كما حصل ذلك عندما قتل أربعة مدنيين كرد من عائلة بيشمرك في جنديرس بريف عفرين، بتاريخ 20-3-2023، على يد أربعة عناصر من فصيل "جيش الشرقية" التابع للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.

ووقعت حينها الجريمة عندما أطلق مسلحو المعارضة السورية، النار على العائلة الكردية التي كانت تحتفل بعيد النوروز على شرفة منزلها عبر إشعال بعض النار، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشقاء وابن أحدهم، وإصابة قريب آخر بجروح خطيرة.

وعقبها، تلقت العائلة تهديدات وابتزازات واعتداءات متكررة من قبل الميليشيا، التي حاولت إجبارها على إسقاط دعوتها القضائية ضد المتهمين، والموافقة على تسوية مالية، والخروج من مدينة جنديرس، وقد تعرض أفراد من العائلة للضرب والطعن والتعذيب والتهديد والضغط النفسي.

وأثارت الجريمة وما تلاها من انتهاكات، غضباً واستنكاراً واسعين في الرأي العام الكردي والدولي، وطالبت العديد من الأحزاب والمنظمات والشخصيات بتقديم الجناة إلى العدالة، ووقف الاعتداءات على العائلة والمدنيين في عفرين، وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في المنطقة.

وعيد النوروز، هو عيد قومي وثقافي للكُرد، يصادف بداية السنة الجديدة والربيع وتجديد الطبيعة، ويحمل معاني الحرية والانتصار على الظلم، فيما يواجه الكُرد في سوريا وتركيا والعراق وإيران، قمعاً وتمييزاً وانتهاكات لحقوقهم القومية واللغوية والثقافية من قبل السلطات الحاكمة في هذه البلدان، ويناضلون من أجل الحصول على الاعتراف والحكم الذاتي والديمقراطية.

هل يثق أهالي عفرين بقضاء المعارضة السورية؟

يعاني القضاء في عفرين، من الفساد والتحيز والتدخل والانتهاكات، ويتعرض الكرد والمعارضون والناشطون والصحفيون والمدنيون للملاحقة والمحاكمة والإدانة بتهم ملفقة أو على أساس عرقي أو سياسي أو ديني.

كما يتم تجاهل حقوق الدفاع والاستئناف والعفو والإفراج، ويتم تطبيق القوانين التركية والشريعة الإسلامية بدلاً من القوانين السورية والدولية، ويجري استخدام القضاء كأداة للقمع والترهيب والابتزاز والتصفية وفق الكثير من المصادر الصحفية والمصادر المحلية من المنطقة.

وقد أصدرت محكمة الجنايات العسكرية في الراعي التي تم تتريك اسمها إلى "جوبان باي" بريف حلب الشمالي، في 17 يناير 2024، حكماً بالإعدام شنقاً على أربعة من المتهمين بارتكاب الجريمة، والسجن ثلاثة أشهر على أربعة آخرين بتهمة إخفاء مرتكب جناية، وبراءة واحد لعدم كفاية الأدلة.

لكن الحكم لم ينفذ بعد، ولا يوجد سلطة لديها اعتراف قانوني لتنفيذه أو إصدار قرارات عفو، لذلك فإن أغلب الظن بأن المحكومين سيبقون في السجن دون استبدال العقوبة، أو ربما قد يكون تم الإفراج عنهم فيما بعد، في ظل غياب الرقابة والثقة بالقضاء التابع لتركيا داخل الأراضي السورية، من قبل أهالي عفرين خصوصاً، وسكان مناطق الخاضعة لمليشيات "الجيش الوطني" بالعموم.

عفرين في ميزان الربح والخسارة

فيما لا يبدو أن احتلال عفرين في مارس العام 2018، قد جلب لتركيا، سوى الخيبة والعار، في ظل تعرضها لانتقادات وعقوبات وضغوط من الدول الغربية والعربية والمنظمات الدولية، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي والسيادة السورية، وتصعيد التوتر والصراع مع "قوات سوريا الديمقراطية" والمكون الكُردي في سوريا، وتحمل تكاليف عسكرية واقتصادية وأمنية وسياسية ودبلوماسية.

بجانب تقويض مصداقية وشرعية مليشيات "الجيش الوطني السوري" كقوة معارضة وشريكة لتركيا، وتعرضها لانتقادات واستنكار، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي والهوية السورية، والتبعية العمياء لتركيا ومصالحها، والتورط في صراعات ونزاعات مع القوات الأخرى في شمال سوريا، والتخلي عن "الثورة السورية" والانتقال لسوريا تجمع كل السوريين، حيث بات يُطلق عليهم مصطلح "السوركيين"، أي السوريين "الخادمين" للأتراك على حساب سوريا وأمنها ومصالحها.

ليفانت-خاص

إعداد: أحمد قطمة

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!